13 déc. 2014

مفهوم الشخص - الشخص بوصفه قيمة



   


مفهوم الشخص



 ІІ- الشخص بوصفه قيمة:            
*إشكال المحور:  ما الذي يؤسس البعد القيمي للشخص؟ ومن أين يكتسب قيمته المطلقة؟
            
        1- موقف كانط : ما يمنح للشخص قيمة هو كونه ذات عاقلة وأخلاقية.                       
    يعتبر كانط بأن الشخص هو الذات التي يمكن أن تنسب إليها مسؤولية أفعالها. من هنا فالشخص هو كائن واع، وهو ما جعله يكتسب قيمة مطلقة في حين لا تتمتع الموجودات غير العاقلة إلا بقيمة نسبية. كما يعتبر الشخص غاية في ذاته، بحيث لا يمكن التعامل معه كمجرد وسيلة. وهذا يعني أنه يمتلك قيمة وكرامة لا تقدر بثمن.
    ولكي يحافظ الشخص على احترامه كذات حرة وأخلاقية، يجب عليه أن يتصرف وفقا للأمر الأخلاقي المطلق بحيث يعامل الإنسانية في سلوكه كغاية وليس كوسيلة. هكذا فحرية الشخص عند كانط مقترنة بالتزامه بالأمر الأخلاقي الذي هو قانون عملي كلي ومطلق، يشكل مبدأ موضوعيا للإرادة الإنسانية، ويعامل الطبيعة الإنسانية كغاية في ذاتها.
    وإذا كان كانط يجعل الخاصية الأخلاقية هي المحدد الرئيسي لقيمة الشخص، وهي ما يجلب له الاحترام من طرف الغير ومعاملتهم له كغاية، فإن هناك كائنات بشرية قد تعوزها هذه الخاصية، وبالتالي ستفتقد من هذا المنظور الكانطي إلى صفة الشخص ويصبح من الجائز معاملتها كمجرد وسائل ومنحها قيمة لا تختلف عن قيمة الحيوانات أو الأشياء المادية. هذه المسألة هي التي جعلت تصور كانط لقيمة الشخص يعرف بعض الصعوبات والمفارقات التي انتبه إليها أحد الفلاسفة الأمريكيين المعاصرين، هو طوم ريغان Tom Reagan) ).
         2- موقف طوم ريغان: ما يمنح للشخص قيمة هو كونه ذات حية تستشعر حياتها.          
    يرى طوم ريغان أن كانط يحدد قيمة الشخص في كونه ذات عاقلة وأخلاقية، وهذا ما يؤدي إلى نفي قيمة الشخص عن كثير من البشر مثل البويضة المخصبة حديثا، والمرضى الذين دخلوا حالة الغيبوبة الدائمة، والأطفال إلى سن معينة، وكل الكائنات التي تفتقد القدرات العقلية التي تمكنها من أن تكون كائنات أخلاقية.
    من هنا يجوز تبعا للمنظور الكانطي معاملة هذه الكائنات كمجرد وسائل، ونفي الاحترام والكرامة وكل مقومات الشخص عنها. وهذا ما يؤدي إلى مفارقة أساسية تتمثل في كون كانط ، وهو المعروف بمثاليته الأخلاقية، يجسد موقفا لا أخلاقيا تجاه هذه الأنواع من الكائنات التي ذكرناها. ولهذا وجب حسب طوم ريغان استبدال المعيار الأخلاقي الكانطي المحدد لقيمة الشخص بمعيار آخر أشمل وأوسع؛ يتمثل في أن ما يمنح للكائن البشري قيمة مطلقة هو كونه « ذات تستشعر حياتها». فالإنسان يختلف عن الحيوانات والأشياء الطبيعية في كونه يضيف خاصية الوعي إلى الحياة؛ فهو يعي ما يعتمل في حياته من مشاعر وأفكار ورغبات، كما يستشعر حياته الماضية ويتطلع إلى الاستمتاع بالنعيم وتحقيق ما هو أفضل بالنسبة إليه. وهذه العناصر هي ما يمنحه قيمة أصلية ويفرض علينا احترامه والاعتراف له بحقوقه المشروعة.
    فالقيمة الأصلية للشخص إذن لا تتوقف على نظرة الغير إليه أو حكمه عليه انطلاقا من معايير أخلاقية أو غيرها، بل هي تتحدد حسب طوم ريغان انطلاقا من كونه « ذات تستشعر حياتها» ويحيى حياة يمكن أن تتحول للأفضل أو للأسوأ بالنسبة
إليه. وهذا المعيار الأخير يجعل كل الكائنات البشرية متساوية وتفرض علينا الاعتراف لها بحقوقها ومعاملتها باحترام.
      

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

مفهــوم الغيــــر - العلاقة مع الغير

  مفهــوم الغيــــر       III- العلاقة مع الغير :     تتعدد أوجه العلاقة بالغير وتتخذ أبعادا مختلفة بين الابن وال...